Sans Commentaires

Sans Commentaires

الثلاثاء، 19 مارس 2013

وطن و وطنيّة و ملكيّة برسم البيع...من يشتري؟







حلو هو مذاق الإنتصار بعد جهد جهيد، و رائعة هي تلك الإبتسامة التي تعتريك بعد فوز ساحق، و لكم يثني عليك الأخر بعد فوزك إما تشفيا في غريمك أو غبطتا منك، و قد يكون أحينا كثيرا تملقا فيك لمآرب في نفسه، و هنا تضيع لغة اللسان، و تتكسر معالم الصورة، و تتيه أنت ما بين زهو و إعتزاز و ما بين اللحظة و الواقع، و تنسى ما تبقى منك أو لك، و ما سيدنو بعد ذالك من تحديات.
في خضم المعارك السياسية التي تربو يوما بعد يوم في مغربنا العزيز، أصبح الوضع أكثر سخونة و أجلّ وضوحا من ذي قبل، في مسرح تتوالى فيه المشاهد الدرامية بسرعة عزّ نظيرها، هذه المعارك التي تطفو بين الحكومة و المعارضة، و بين الحكومة و الحكومة نفسها، و بين المعارضة اللامؤسساتيّة و النظام القائم، و ما بين أعضاء الحزب الواحد، كلها تنبأ بأن مسرح السياسة مليء بالمشاهد و الأحداث، غير أنه و للأسف مشاهد يندى لها الجبين، و يشيب منها الولدان، و يشمئز منها المشاهدين، و رائحة العفونة المنبعثة من هذا كله تزكم الأنوف و تدمع العيون .
غير أن ما يجعل الصورة أكثر قتامة و فسادا، هي تلك الأسلحة التي يتقاتل بها هؤلاء المتبارزون، بحيث لم يعد هناك حظوة لأحد عند أحد، و لم يعد هناك إحترام بين هذا و ذاك، فإختلط الحابل بالنابل، و الغث بالسمين، والصالح بالطالح، حتى بتنا نرى معاجم و المصطلحات قد يخجل المرء من قولها حتى في الحانة و الكباريهات، و أصبح الساسة و القادة يلقبون بأسماء الحيوانات، فصاروا يبيتون على خصام و يصبحون على وئام، و يبيعون و يشترون سلعا ليس كباقي السلع أو المنتجات.
لسان حلهم دائما يقول من يشتري مني الوطنية بمناصبة قد تقيني شرّ السؤال، و من يبتاع مني وطنا و ليملئ حسابي الذي أتخم أصلا من كثرة العمولات، و إن لم تشتري لأعيبنّ نظامكم و أجرحنّ في ملكيتكم، و لأسفهنّ عقولكم، و أقلبنّ عليكم شيعتكم، و لأمرّغنّ صمعتكم بين الدول و منظمات باقي بني البشر، فابتاعوا مني و اتقوا شري.
للأسف هذا دأب صار عليه الكثير من عليّة قومنا مند سالف العصر و الأوان، فلا عجب أن نرى خديجة الرياضي و عبد الحميد أمين و الساسي و الجامعي و العدل و الإحسان و حتى من يتحملون تسيير دواليب الدولة و الكثير الكثير من طينتهم ينهلون من تلك الأقذار، و يضربون في الأرض شرقا و غربا علّهم تنلهم من كعكة السلطة قطعة سكر، فصارت دماء الأبرياء حطب بين يد هؤلاء ( شهداء أكديم إيزيك مثلا) يقذفونه في موقد الصراع بينهم و بين النظام، و صار الوطن سلعة يتاجر بها بين الأمم ( صحرائنا العزيزة مثلا) بمواقف تبوس أرجل الأعداء، أما الملكية فهم يتربصون بها برسائل مباشرة و غير مباشرة، و ما كل ذالك بخفي لا عنا و لاعنهم و لا على من يهمه الأمر.
الوطن و الوطنية و الملكية لا تباع، و لكن تشترى بدماء الأوفياء، و نضال الشرفاء، و جهد النبلاء، و دعاء الأولياء و الصالحين، و كل هؤلاء هم من يقين شر و فساد كل أولئك، و لنختم بما قاله الملك محمد الخامس لولده المغفور له الحسن الثاني و الذي حكاه لنا في خطاب من خطبه الشهيرة، فقد سأل الحسن الثاني والده محمد الخامس عن ردة فعله إذا شاهد ألفا من الناس تصيح، ثلاثمائة منهم مناوئة له و ما تبقى مرحبة به، فهل يخرج عليهم أم يبقى في سيارته، فأجابه رحمه الله بحكمة "مغديش نخرج الى كان زمانكم زمان قلة اللحيا معندي من دير بيه".
ربما هو زمن قلة الحياء,
أيوب مشموم "كاتب صحفي"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق