Sans Commentaires

Sans Commentaires

الثلاثاء، 2 أبريل 2013

لتجدن أشدّ الناس عداوة للمغاربة الذين قالوا إنا جزائريون




قد تطفو هنا أو هناك معالم صراع أو نزاع حدودي أو أيديولوجي أو حتى طائفي بين شركي الجغرافية و الحدود، و قد تتسمم العلاقات بين الأنظمة و حتى الشعوب فيما بينها تماهيا و إنسياقا مع الحملات الإعلامية و النزوات الفكرية للحكام، فتهشيم العلاقات و إشعال الفتن و تكسير الروابط، يبقى أسهل بكثير منه لنسج علاقات قوامها التفاهم و تبادل المصالح، و لعل هذا الذي يحدث في جارتنا الشرقية، و حتى في مملكتنا السعيدة.

قد يرمني بعض القراء لهذا المقال، أني حملت العنوان حمولة قد تفوق في مدلولاتها واقع الحال، و قد يعتبرها آخرون تشددا في تسمية بعض الأمور و تعصبا لا يمت للواقع بصلة، و قد يجد بعض المتلطفين في تعبيراتهم أني حملت فيه مجازا لغوي لا أكثر و لا أقل، لكن فعلا لا بد لمثقفي هذان البلدان أن يقفوا على الحقد الذي أصبح يعتري الشعبين إتجاه بعضهم، و لا بد لأساتذة الإجتماع أن يشرحوا لنا مداخل و مخارج هذا الواقع المتردي بين الشعبين، و لا بد للساسة أن يقفوا على فضاعت ما يقترفونه و ما اقترفوه في حق إخوة و أنساب و عائلات، ما يوحدهما أكثر مما يفرقهما.

لماذا هذا الكلام، لا يخفى على القاصي قبل الداني ما تحمل مواقع التواصل الإجتماعي من مشتل لفهم بعض العلاقات و بعض التصرفات المجتمعية، إذ تعد هذه المواقع مجتمع دولي قد نفهم فيه طبيعة العلاقات الدولية في طبعتها المجتمعية، و مدى التواصل أو لا تواصل بين شعوب البلدان التي جمع شملها حاسوب فشبكة ثم موقع، لتنتج بعدها علاقة يستشف منها ما قد يستشف، و يفهم منها مدى التقارب أو التنافر القائم بين طرفي هذه العلاقة.

و المتتبع لشأن هذه العلاقات، من السهل عليه أن يستنتج أن العلاقة ليست في أحسن أحولها إن لم نقل أنها مريضة و مريضة جدا بين المجتمع المغربي و نظيره الجزائري في هذه المواقع، فالكل يجمع على انه إثباتا للوطنية العالية و لنيل أسمى شهادة تثبت ولائه للوطن و حبه الراسخ إتجاهه، فأقرب طريق تمر و بالضرورة بكرهه للجار و التمادي في سبه و شتمه و تعرية عورته أمام الأغيار، هذا حال غالبية مرتدي هذه المواقع إن لم نقل جلهم من البلدين للأسف، فصوت العقلاء قلما يسمع وسط الجوقة.

و إن كان للأخوة في الجزائر بالغ الإذعان في هذا الخطأ القاتل أكثر منه للمغاربة، فذالك مرده إلى الإنجراف العارم وسط السيل الذي تلقوه من نظامهم المريض بأيديولوجيات و ترهات الماضي و أحقاده الدفينة، و منساقين مع توجهات ساستهم الانطوائيين، الذين كدسوا لهم رؤوسهم بأوهام و خرافات، فهم يخشون من أي إنفتاح يعري وجهه و يعفي مزانيتهم من الأموال التي تدفع في الأسلحة و التي يغتنون من عمولتها و صفقاتها.

لكن ما قد يحز في النفس هو انصياع البعض من بني جلدتنا و راء أحقاد هؤلاء، و التعاطي معهم بأسلحتهم و سلعتهم التي إشتروها من نظامهم، فالعجب كل العجب لبعض المغاربة التي يرون نظامهم يسارع الخطى نحو تطبيع و تدليل العلاقات بين الشعب المغربي و الجزائري، و يتفانى في تقريب وجهات النظر إنتصارا للمستقبل و إنتصارا لما يجمعنا، فإذا رأيتهم يتشدقون بالوطنية و يتدافعون في حب البلاد و الملك، تظن بهم خير وجه، و خير ما يمثل هذا الوطن و هذه البلاد، و إذا رأيت نقاشهم و حواراتهم ترى حمولاتهم تذهب أراج الرياح و أجوبتهم تهبط لدونية و أسفل القاع، و إذا استنكرت و رفضت ، يقولون لا يفل الحديد إلا الحديد، و ما أجوبتنا إلا من أسئلتهم، وما نعطيهم إلا ما يطلبون، وهنا الخطأ الذي تأتي معه باقي الأخطاء.

يا جماعة الخير، يا أبناء هذا الوطن العتيد، ليست الوطن هي رسم علم على فسحت جبل، و ليست الوطنية هي قرض شعر في هذا الوطن، و ليست الوطنية تدافع في بحر الجاهلية الأولى، الوطنية مسؤولية و تربية و أخلاق، الوطنية صورة تزف في كل وقت و حين تنمق بها و تزق بها البلد، الوطنية عشق لا بد أن ترقى به عن مستوى الفجار، الوطنية علم إذا حصلته و جمعت أدبه و فقه، جمعت خير ما يجمع المرء لبنيه، الوطنية تضحية بالنفس من أجل أمك و أبنائك و مواليك، الوطنية حكمة و رزانة و جلد و صبر إذا يوما قسا عليك الجار و الأخ و الصديق، الوطنية حب، لكن للأسف قال العرب قديما "و من الحب ما قتل"، و كم منا قتل عن غير قصد.


أيوب مشموم "كاتب صحفي"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق