Sans Commentaires

Sans Commentaires

الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

ما بين صندوق المقاصة و السلم المجتمعي




لا أحد يجادل في كون صندوق المقاصة يلتهم من ميزانية المملكة أكثر مما تحتمل، و لا يختلف أحد كون مسألة إصلاح هذا الصندوق بات مطلبا ملحا إن لم يكن ورشا مصيريا، هذا إن كنّا نريد تجنب الأسوأ في قادم الأيام، لكن طبيعة هذا الإصلاح و المدخل و المخرج منه هو السؤال و الفرق بين الجنة و النار و السمو و الاندحار.
يبدو أن حكومة السيد عبد الإله بن كيران عازمة على فتح هذا الورش، و قد تحسب لها هذه البادرة كون جميع الحكومات المتوالية على رأس السلطة التنفيذية فشلت حتى في محاولة التقرب من هذا الرعب، كون هذا الصندوق ظل يشكل دائما أحلك كوابيس الحكومات المغربية، و يعد كما أسلفنا الفرق بين السلم و اللاسلم، كما أنه بفتحه قد يفتح أهوال لا طاقة للمغرب بها، و إن فشلت أي مقاربة في إصلاحه لا أحد يعلم ما ستؤول إليه مملكة محمد السادس.
هنا وجب التذكير و الانصياع لمنطق المصلحة عامة مع مراعاة دواخل الأمور أو تفاصيلها، لأن الأمر لا يبدو هين أو سهل كما بشر به السيد بوليف وزير الحكامة في حكومة ما بعد الدستور، و لا بالصورة الوردية التي أبان عنها في تدخله بالبرلمان، فعندما نقول الانصياع لمنطق المصلحة العامة فهذا يوجب علينا استشعار القدرة الشرائية لعموم المغاربة، و خصوصا الطبقة المتوسطة التي تشكل القاعدة الكبرى داخل المجتمع المغربي، و التي أصلا تعاني ما تعاني منه لكن يبقى مؤشر هذه القدرة تحت الخط الأحمر.
إن أي استحضار لأي إصلاح و لو استأنسنا ببعض التجارب، تبقى الحالة المغربية فريدة من نوعها، و يبقى هذا الإصلاح رهين بتكيّفه و همّ المواطن المغربي و سلته الغذائية، التي لم و لن يسمح في تجاوزها، و لو أنه عفا عن بعض الأشياء من قبيل الزيادة في المحروقات أو الزيت أو السكر، فإنه لا يؤتمن جانبه.
الخطر الذي قد يعتري هذا الإصلاح و الذي عرفنا بعض خطوطه العريضة، المتمثلة أساسا في توجيه الدعم إلى الطبقة الفقيرة في شكل إعانات نقديّة مباشرة، مع تحرير الأسعار و رفع الدعم عن المواد الأساسية، الخطر هنا يكمن كون لا يوجد معيار أو مقياس لمعرفة من هو في حالة فقر أو هو فوقه، مع استحالة إحصاء هذه الطبقة كون هناك طبقة تتأرجح بين المتوسطة و الفقيرة بشكل درامي، وهذه خصوصية مغربية وجب مراعاتها، ناهيكم على أن الطبقة المتوسطة ستكون في حالة فقر إذا ما تم تحرير الأسعار، وهذه معضلة أخرى.
كنا نرتجي من هذه الحكومة أن ترفع الضرائب على الطبقة الغنية كما وعدت، و أن تخصم أموال الدعم من المصانع و الشركات و حتى محلات الأكل الخفيفة و كل شخص معنوي أو ذاتي يستفيد مباشرة من دعم الدولة لهذه المواد الأساسية، و التي تدخل في صلب صناعاتها، و ذالك في شكل ضرائب و إتاوات كل حسب مقدرته و دخله، سيكون هذا كفيل بإحداث توازن منطقي داخل هذا الصندوق و سيكفينا شرّ المغامرة.
نتمنى أن لا يكون فشل الحكومة في تبني سياسة ضريبية على الطبقة الغنية و الميسورة كما وعدت، و شجع و طمع الطبقة الغنية التي اغتنت من هذا الصندوق سنين عددا، وضغط لوبيات المصالح الشخصية، نتمنى أن لا يأتي على سلمنا المجتمعي و سلتنا الغذائية، فأني لا أرى في الجو سوي غيم حفظنا و حفظكم الله شر الفتن.
أيوب مشموم "كاتب صحفي"
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق